أدباء على شال القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


لكل من يعشقون الحرف قبلة النهار باتساع الكلمات نفتح لكم قلوبنا قصائد عشق
 
الرئيسيةالقدس عاصمة الثأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المقامة الجمركية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ياسر خالد
مشرف قسم أدب المقامة



عدد المساهمات : 5
تاريخ التسجيل : 23/03/2009

المقامة الجمركية Empty
مُساهمةموضوع: المقامة الجمركية   المقامة الجمركية I_icon_minitime2009-12-25, 5:54 am

المقامة الجمركية
حدثنا عدنان بن يوسف قال :
بعد أن أجدبت الديار، واضمحلت الأنواء والأمطار، لا ادري أقلة من استغفار ، لله الواحد القهار ، أم هو اختبار للناس الأبرار منهم والأشرار
لذلك قررت الرحيل، في طلب الرزق الجميل، مفارقا الأهل والأحباب، عسى الله يكرمني انه الوهاب.
فاستقر بيّ المقام في واحة فزّان ، وهي جميلة ذات حدائق وجنان ، وفاكهة ونخل ورمان ، فعملت بهندسة البنايات والقصور ، وشق الطرق وإقامة الجسور، وشاركت في حفر النهر العظيم ، والذي يروي كل عاقل وبهيم ، ويسقي الطير والزرع على وجه الأديم .
عملت عدة سنين مرهقة ، فيها تسلقت الجبال الموعرة ، وهبطت الوديان المقفرة ، فالمهام كانت عسيرة ، والانجازات ضخمة وكثيرة .
ولكن بعد غياب دام عدة سنين ، وغربة ممزوجة بالحنين ، للأهل والأحباب والبنين ، قررت أن أعود ، حاملا ما وفرت من النقود ، لأزرع البسمة على شفاههم ، وأبث البهجة في قلوبهم ، فجمعت ما بقي من مال ، وأنهيت كل المهام والأعمال ، وودعت الأصدقاء والعمال ، ثم جهزت حقائب الأسفار، وركبت قاصدا المطار .
وما إن وصلت إلى بناء المطار ، حتى وقفت في طابور الانتظار ... لقد توقعت أن يكون الوداع جميل ، لأنني عربي شريف أصيل ، ولكن وقفت عندهم كالذليل ، حيث فتشوا جيوبي والحقائب ، ونقبوا ما بين الصلب والترائب ، ثم ساقوني إلى قسم تفتيش الرجال ، وأرغموني على خلع الحذاء والسروال ، وما أن وجدوا ما معي من مال ، حتى حاصرتني ثلة من الجنود ، والقوا القبض عليّ بلا مقاومة أو صدود ، وقالوا أني رجل ملعون ، ووصفوني بالأبله المجنون ، لأني بتهريب المال أخالف القانون ، ومكاني المناسب غياهب السجون .
فذهبت إلى كبيرهم استجدي وأتوسل ، ورجوته بقراره يتأنى ويتمهل ، وقلت له انك رجل كبير وأمير ، وأنا المخلص العبد الفقير، فأعفو عني يرحمك العزيز القدير. لكنه وبخني وزجرني ، وبالخيانة نعتني ، وبالعذاب والمهانة وعدني، حتى قبّلت من تحت قدميه الثرى ، وأخيرا ركلني بقدمه على القفا ، وقال اغرب عن وجهي أو أرسلك إلى الردى ، فلملمت أسمالي وغادرت راثيا حالي .
لم أتوقع هذا الموقف المشين ، لأن أسلوبهم مع العلوج رزين ، فلهم المعزة والإكرام ، وينحني لهم الموظفون باحترام ، ومن يتكلم لغة العرب ، فيعامل بازدراء ويا للعجب ، وله المهانة بسبب أو بدون سبب .
وبعد وقت طويل من التفكير ، ومشاورة أهل الرأي والتدبير ، قررت تكرار المحاولة ، واستعمال الحيلة والمناورة ، لأن مالي حلال وباليقين ، كسبته من كدي وعرق الجبين ، وسأدخل بقوة إلى المطار والجمارك ، ولو كنت في ذلك ميت هالك ، وطريقي بإذن الله لابد سالك ، فاشتريت بما معي من مال ، عشر قطع ذهبية بالتمام والكمال ، وابتلعتها بلا تردد أو خوف ، واستقرت أخيرا كلها في جوفي . وبصعوبة وبعد تفتيش وتنقيب , وبأسلوب مهين ورهيب ،بعدها أطلقوا سراحي ، عندئذ شعرت بالارتياح .
وعندما وصلت إلى البيت ، لم يكن الاستقبال كم تمنيت ، إذ لم احمل إلا حقيبة صغيرة ، يأملون أن اجلب هدايا ثمينة وكبيرة ، بعدها شرحت لهم القول والمقال ،وأسهبت في تفصيل الحال والمآل ، ونصحتهم بالصبر الجميل ، لأن القادم مشرق ونبيل .
بعدها حصل تشنج في الأمعاء ، ومغص شديد وألم وعناء ، فهرولت مسرعا إلى بيت الخلاء ، ثم لحقت بي الزوجة والأبناء ، يسألون عن الأنباء ، وما ينتج في بيت الخلاء ، وما أن لمحت اللمعان الوحيد ، حتى صرخت أهلا بالقادم الجديد ، وابشروا باللحم والثريد ، عندها صدحت الأغاني والزغاريد ، كأن هذا اليوم يوم عيد .
ورغم ما أصابني من القروح ، والألم والتشققات والجروح ، أصابني فرح وسرور ولهذا أنشدت هذه السطور :
الروض يرسل عطرا في الفناء ......ويشدو الطير حرا في السماء
ومال المرء في بنك أمين ............ومالي يقبع داخل الأمعاء
ومغص البطن عند الناس بلوى .......ومغص بطني ينبئ بالرخاء
كل يراقب كنزه في خزنة ...............وأنا أراقب في بيت الخلاء
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقامة الجمركية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المقامة العدنانية
» المقامة الإنتخابية
» المقامة الجهادية
» المقامة الزردشتية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أدباء على شال القدس :: الأدب ( شعر - قصة - خاطرة -دراسات نقدية - المقالة - أدب الرسالة) :: المقامات الأدبية-
انتقل الى: